لم يوجد حدث غيَّر وجه التاريخ مثل ميلاد المسيح، فميلاده قد قسم التاريخ إلى:

ما قبل الميلاد وما بعده. وحتى الذين لا يؤمنون بالمسيح ولاهوته، يجدون أنفسهم كل يوم أمام تاريخ ميلاد المسيح، ويستخدمونه في جميع معاملاتهم.  
ولم يوجد احتفال رائع سواء لملك أو رئيس أو إمبراطور مهما سما مقامه، أو علا سلطانه، أو اتّسع صولجانه ودائرة أحكامه، مثل الاحتفالات بميلاد المسيح في كل بقاع العالم. 
ولم تُكْتَب كتب لأي إنسان مهما كان عظيمًا كما كُتِبَ عن شخص الرب يسوع منذ ولادته وحتى الآن. 
عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح هو: 
- عيد الخلاص للعالم أجمع: "وُلد لكم مخلّص هو المسيح الرب." 
- عيد الفرح والبهجة: "ها أنا أبشّركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب." 
- عيد السلام: فقد تنبأ النبي إشعياء قبل ميلاد المسيح بحوالي 700 سنة قائلًا: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ." (إشعياء 6:9)
- عيد الطفولة: "تجدون طفلًا مقمّطًا مضجعًا في مذود." 
- هو عيد الأمومة الحقيقية: "لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ." 
- وهو عيد الحبّ غير المشروط واللامحدود: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتّى بذل ابنَه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3)
- هو عيد الهدايا والزيارات والشركة: "فقدّموا له هدايا ذهبًا ولبانًا ومرًّا." 
ونحن في هذه الأيام دعونا نذهب بأفكارنا وقلوبنا إلى بيت لحم في ذلك الوقت، ونخترق طرقاتها حتى نصل إلى المنزل (حوش البهائم) الذي وُلد فيه سيِّد الكون وربّ المجد وملك الملوك، وربّ الأرباب، ونتجوّل باحثين فيه ونحن نسدّ أنوفنا من رائحة روث البهائم، لنصل إلى المذود الذي وُلد فيه يسوع. المذود هو المكان الذي يوضع فيه التبن وعلف البهائم. أحيانًا، قد تجد خروفًا أو جديًا من الماعز ينام فيه... تخيّل أنه في هذا المكان وُلد المسيح... ولدته المطوّبة مريم "وقمّطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضعٌ في المنزل." 
- عند المذود في بيت لحم التفّت وتجمّعت بعض الجماعات من البشر، منهم من أتى من جبال اليهودية... ومنهم من أتى من الناصرة من الجليل... جميعهم جاءوا يبحثون عن يسوع، ليروا المولود العظيم... 
- وبعد أكثر من ألفَي سنة، والمذود - مكان الطفل الوليد - فارغ وخالٍ من الطفل كما أن قبره أيضًا فارغٌ، لأنه كما نزل من السماء صعد إلى السماء، وملايين البشر من بقاع العالم يأتون لا ليروا الطفل بل ليروا أين وُلد المسيح حيث بُنِيَت "كنيسة المهد" في بيت لحم، وليروا القبر الفارغ حيث بُنِيَت كنيسة القيامة في أورشليم.

1- جاء الرعاة إلى المذود
السار، تركوا أغنامهم في المراعي وعلى الجبال، وهرولوا مسرعين إلى بيت لحم، وذهبوا إلى المذود بملابسهم الرثّة القذرة التي تفيح منها رائحة العرق والتراب... ذهبوا كما هم إلى يسوع وهم في غاية الاندهاش! لماذا؟
لأن الله أعلن النبأ لهؤلاء الفقراء والمحتَقرين من المجتمع، وسمعوا الملاك يقول لهم: "وُلد لكم اليوم... مخلّص"! كان فرحهم عظيمًا، خاصة عندما جاءوا إلى المذود ورأوا الطفل يسوع مع مريم أمه ويوسف، ووجدوا أنفسهم قريبين منه وهو قريبًا منهم، وأتخيّل أنهم لمسوه أو حملوه.
أيها الأحباء، ما هو سبب شقاء الكثيرين اليوم؟ 
1– إنهم يعيشون منفصلين عن يسوع بعيدين عنه. 
2- إنهم يعيشون مع أغنامهم، وليس عندهم استعداد أن يتركوها بالرغم من الأخبار السارة والإعلانات المفرحة عن شخص الرب يسوع، وما هيّأه لسعادتهم والخلاص الذي أكمله لهم. 
- كما ذُكِر في مثل الملك الذي صنع وليمة لابنه، فبالرغم من أن الملك أرسل عبيده للمدعوّين ليقولوا لهم تعالوا إلى العرس، كل شيء معدّ لكم، تعالوا إلى العرس... رفض جميعهم الدعوة وتهاونوا ظانّين أن سعادتهم هي في أعمالهم وأموالهم ومراكزهم وزواجهم وبيوتهم... لم يكن لديهم أيّ استعداد أن يتركوا كل شيء ويذهبوا إلى يسوع. 
- هل تبحث عن السعادة الحقيقية؟ اترك كل شيء واتبع يسوع... اتركْ غنمك، اتركْ مكان الجباية... اتركْ شبكة الصيد، اتركْ القارب، اترك الموتى يدفنون موتاهم... اسمع صوت الرب لك، ولا تدع أيّ شيء يعطِّلك أو يعيقك، لا العمل ولا الدراسة، ولا الدكان، ولا المركز، ولا المال أو الأعمال، بل التصق بيسوع... واذهب إلى المذود لتتمتّع بالفرح والسعادة.
 
2– زيارة المجوس
لقد تباينت الآراء حول عددهم: هناك من قال إن عددهم اثنا عشر رجلًا، وقال آخر إنهم ثلاثة رجال مستدلّين على هذا من أنواع الهدايا الثلاث - هذا من جهة عددهم. 
- وقال آخر إنهم ملوك من المشرق أو علماء التقوا بعد أن رأوا النجم. 
- ومهما كان عددهم أو مركزهم، فإن الحقيقة تبقى أنهم قد جاءوا إلى يسوع. 
- جاءوا إليه بعد سفر استغرق حوالي سنتين من وقت ظهور النجم لهم - الزمن الذي تحقّقه منهم هيرودس - وبناء عليه قتل أطفال بيت لحم من سنتين فما دون، لقد كابدوا مشقّة سفر طويل وتكلّفوا فيه وقتًا وجهدًا ومالًا... هذه الرحلة استغرقت حوالي أربعة سنوات من عمرهم ذهابًا وإيابًا، إذ تركوا أعمالهم وبلادهم وجاءوا ليروا يسوع مولود بيت لحم.
- جاءوا ومعهم كنوزهم وهداياهم ليسوع... جاءوا محمّلين بالهدايا... جاءوا وهم مستعدّون أن يفتحوا قلوبهم قبل كنوزهم ليسوع، فلما رأوا الصبي مع مريم أمه ويوسف فرحوا فرحًا عظيمًا وسجدوا له وقدّموا كنوزهم ذهبًا ولبانًا ومرًّا. 
- لقد جاءوا مضحّين... جاءوا واثقين أن المولود هو الله المتجسِّد... جاءوا منفتحين للتغيّر... جاءوا ساجدين ليسوع دلالة على أنه هو الله المتجسّد... جاءوا مقدّمين هداياهم. 
- ونحن نحتفل في هذه الأيام، ما هي الهدايا التي نقدّمها ليسوع؟ 
1– قدِّم له قلبك... إن كنت لم تسلِّم حياتك للمسيح. 
2– التزم بتعهّداتك للرب، وجدّد عهد تكريسك له. 
3- التزم بوقت خاص للعبادة سواء في الخلوة أو الشركة مع جسد المسيح في الكنيسة. 
4- التزم بخدمة معيّنة للرب فتشعر بالفرح والسعادة.