وصل الشعب إلى رفيديم المكان الذي لم يجدوا فيه ماء، وتذمّر الشعب على موسى تذمّرًا شديدًا

حتى أن موسى من شدة تذمّرهم قال: "بعد قليل يرجمونني." فلجأ موسى كعادته إلى الرب. فقال خذ معك بعضًا من شيوخ إسرائيل وعصاك وكلّم الصخرة فتُخرج لكم ماء. وبعد حدوث المعجزة الرائعة ظهر عماليق العدوّ اللدود ليحارب إسرائيل في رفيديم. فمرّ موسى يشوع أن ينتخب رجالاً ويخرج ويحارب عماليق.
وأضاف موسى قوله: "غدًا أقف أنا على رأس التلّة وعصا الله في يدي." ففعل يشوع كما أمره موسى ليحارب عماليق، وأما موسى وهرون وحور فصعدوا على رأس التلّة، وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب... أخذ هرون وحور حجرًا ووضعاه تحت موسى ودعم هرون وحور يدَي موسى واحد من هنا والآخر من هناك. فهزم يشوع عماليق وقومه بحدّ السيف. ولي معكم كلمتين:

أولاً: العدوّ الجبّار
عماليق عدو قوي لا يُستهان به وهو من نسل عيسو تحالف مع آخرين ضدّ شعب الرب – تحالف مع عجلون ملك موآب وبني عمون وضرب إسرائيل – وحاربهم شاول وحقق شاول الانتصار. وداود حاربهم وانتصر عليهم وخلّص مدينة صقلغ... عماليق هو رمز للشيطان العدوّ اللدود لكل مؤمن. يقول الرسول بطرس: "اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسًا من يبتلعه هو." ويجب أن نلاحظ أن الشيطان متبجّح فذهب إلى الرب يسوع ليجرّبه ليس فقط بالتجارب الثلاث المعروفة بل جرّبه مرات أخرى كما نقرأ في إنجيل لوقا "وفارقه إلى حين."
حارب الشيطان مؤمنين عديدين في الكتاب المقدس، انتصر على بعضهم وانتصر البعض الآخر عليه. حارب يوسف ولكن يوسف انتصر عليه انتصارًا عظيمًا عندما رفض أن يفعل الشر مع من راودته عن نفسها وقال: "فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟"
حارب داود وانتصر عليه وأوقعه في خطيتَي الزنا والقتل.
يحاربنا الشيطان بأساليب مختلفة:
جاء إلى حواء متسائلاً: "أحقًّا قال الله لا تأكلا من كلِّ شجر الجنة؟"
وجاء إلى قايين بأسلوب الحقد على أخيه الذي لا ذنب له في رفض تقدمة قايين... فقام قايين على أخيه وقتله.
جاء إلى شمشون بأسلوب مختلف... فيجب أن نحترص من عدو الخير وعدوّ كل برّ.

ثانيًا: طريق الانتصار
كيف تحقّق الانتصار على عماليق؟ وكيف ننتصر نحن على الشيطان وجنوده؟
1) الصعــود: صعد موسى وهارون وحور على رأس التلة. ما كان شعب الرب لينتصر لو أن الجميع لم يصعدوا – يمكننا أن نهزم عدو الخير بالصعود... يطلب الرب منا دائمًا أن نصعد حتى نكون باستمرار منتصرين... قم اصعد إلى هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا... إذا تعلّقنا بالأرضيات لا يمكننا أن ننتصر.
"فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله.اهتموا بما فوق لا بما على الأرض."

2) رفــع الأيدي: رفع موسى يديه، ورفع الأيدي للابتهال إلى الله... رفع الأيدي دليل على الصلاة. قال الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: "فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان، رافعين أيادي طاهرة، بدون غضب ولا جدال." وسليمان عندما صلى بعد أن بُنِيَ الهيكل، تقول كلمة الرب: "وبسط يديه إلى السماء."
رفع الأيدي إما على مستوى الكتفين فيكون الإنسان على هيئة صليب - لا توجد نصرة إلا في الصليب - يقول المرنم: "بالصليب يعظم انتصارنا".
وقد تُرفع الأيدي أعلى من الرأس بما يدلّ على التوجّه للرب. عندما ترفع اليدان فوق الكتف تكونان موجهتان للرب بالصلاة – بالصلاة نحقق الانتصار... إن كنا نريد أن نحقق الانتصار تلو الآخر فعلينا بالصلاة... بالصلاة يُهزَم عدو الخير... لأجل هذا يوصينا الرب: "ينبغي أن يُصلّى في كل حين ولا يُمَلّ." ويوصينا الوحي المقدس: "صلّوا بلا انقطاع." "مواظبين على الصلاة ساهرين فيها بالشكر."

3) التعــاون: يذكر الكتاب أن موسى وهارون وحور صعدوا إلى الجبل ودعم كل من هارون وحور يدَي موسى أَي شاركاه في رفع الأيدي، وشاركاه في الصلاة. يتحقّق الانتصار لو شاركنا جميعًا بعضنا البعض بالصلاة.